و المفهوم في الوجه الثاني عدم وجوب القصر عند انتفاء خفاء كلا الامرين معا، اذ يكفي في وجوب القصر خفاء أحدهما.

و الفرق بينهما و بين الوجه الاوّل واضح، فانّ مفاد الوجه الاوّل و ان كان متّحدا مع الوجه الثاني من حيث المنطوق الّا أنّ الفرق بينهما من حيث المفهوم، فانّ القضيتين على الوجه الثاني تدلان على عدم وجوب القصر عند انتفاء خفاء الاذان و خفاء الجدران معا، بخلاف الوجه الاوّل، فانّه لا مفهوم لهما على الفرض، فلا دلالة لهما على عدم وجوب القصر عند انتفاء كلا الامرين معا، فيحتمل وجوب القصر مع انتفائهما معا ايضا، كما تقدّمت الاشارة اليه.

4- و ذكر صاحب الكفاية رحمه اللّه وجها رابعا، و هو أن يقيّد مفهوم كلّ منهما بمنطوق الآخر، فيقال بانتفاء وجوب القصر عند انتفاء خفاء الاذان، بمقتضى مفهوم قوله عليه السّلام: «اذا خفي الاذان فقصّر»، الّا مع خفاء الجدران، و كذا الكلام في القضيّة الاخرى، فيقال بانتفاء وجوب القصر عند انتفاء خفاء الجدران، بمقتضى مفهوم قوله عليه السّلام: «اذا خفي الجدران فقصّر»، الّا مع خفاء الاذان‌[1].

و لكن هذا الوجه غير معقول، اذ المفهوم بنفسه ليس مدلولا مستقلا للكلام ليتصرّف فيه بتخصيص أو تقييد، بل هو تابع للمنطوق باعتبار أنّ المنطوق يدلّ على خصوصيّة مستلزمة للمفهوم، فتدلّ القضية على المفهوم بالدلالة الالتزامية لاجل تلك الخصوصية، كما عبّروا عن تلك الخصوصية بالعليّة المنحصرة.

فلو التزمنا بدلالة كلّ واحدة من القضيتين على تلك الخصوصية و بقاء

[1]- كفاية الاصول: 238.